ما يمز النظام البريطاني (دستوري) عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى (الرئاسي) هو انه يقوم على التعاون والتوازن بين عدة مؤسسات سنحاول سردها في هدا المقال
أولا: المؤسسات الانتخابية:
تلعب المؤسسات الانتخابية دورا هاما في
الحياة السياسية البريطانية من خلال تفاعلها وتأثيرها بطبيعة النظام الحزبي
المتميز بوجود حزبين رئيسيين وهما حزب المحافظين وحزب العمال.
وتنتخب هده الأحزاب بأسلوب الانتخاب الفردي
الاكثري لدورة واحدة حيث تقسم فيها البلاد الى عدة دوائر انتخابية صغيرة يخصص لكل
منها مقعد واحد في مجلس العموم وقد بدأ العمل بهذا الأسلوب الانتخابي في بريطانيا
مند القرن الثالث عشر ومازال معمولا به حتى الان
ثانيا: المؤسسات الحزبية:
ومعناه ان تكون السلطة طوال مدة ولاية مجلس
العموم في يد الحزب المتمتع بالأغلبية
البرلمانية
وسنتحدث فيما يلي بشكل موجز عن نشأة هده الثنائية الحزبية مرورا بمميزات نظام
الثنائية الحزبية وآثاره، بالإضافة الى خصائص هده الأحزاب ودورها في الحياة
السياسية.
I)
نشأة نظام الثنائية الحزبية:
يعود الى بداية القرن السابع عشر مع ظهور الحزبين الكبيرين المتعارضين وهما
التورينز والويكز
وتكمن اهميتهما في مساهمتهم في وجود حكم قوي ومستقر في بريطانيا
II) مزايا نظام الثنائية الحزبية
وآثاره:
ساعدت الثنائية الحزبية على قيام حكم قوي
ومستقر في بريطانيا، فالحكومة البريطانية تعتبر دوما حكومة قوية لأنها تستند
لتأييد اغلبية برلمانية، ونظرا لتشكيل الحكومة البريطانية من حزب واحد فإنها تقوم
بممارسة الحكم وفق البرنامج السياسي الدي التزمته.
كما ان الثنائية الحزبية ساهمت في زيادة
فاعلية وتأثير الجسم الانتخابي عن طريق تحديد السياسة العامة التي ستنهجها الحكومة
الا ان الثنائية الحزبية لم تعد الا قضية
شكلية فارغة من أي مضمون، حيث لم تعد خاضعة لرقابة مجلس العموم بل أصبحت في صلب
اختصاصاته الدستورية فهي تعد مشاريع قوانين واقتراحات قوانين بنفسها، كما يمكن لها
ان تحصل من مجلس العموم على تفويض يسمح لها باتخاذ مراسيم تشريعية لها قوة
القانون.
III) خصائص
الأحزاب البريطانية:
تتميز الأحزاب الكبرى
في بريطانيا بطابعها الأيديولوجي المعتدل وبكونها أحزاب اطر شديدة
فمن جهة تعتبر هده
الأحزاب ايديولوجيو لأنها تجسد تاريخيا مصالح الطبقات وفئات اجتماعية متباينة الا
ان هدا التقسيم المبسط لا يمكن ان يحجب واقع التقارب بين هده الأحزاب ويعود هدا
التقارب الى عدة عوامل منها:
قيام اتفاق اجتماعي عام
بين أبناء الشعب واغلبيته الساحقة حول أسس النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي
القائم
وقد ساعد إضفاء طابع
الاعتدال على الأحزاب البريطانية.
ومن جهة أخرى تعتبر
الأحزاب البريطانية اطر فهي لا تقوم على أساس انتماء رسمي مباشر لجماهير الشعب
وانما على أساس تنظيم يضم عددا محدودا من الأطر والشخصيات السياسية والاجتماعية
الفاعلة في مختلف القطاعات.
IV)
دور الأحزاب في الحياة السياسية:
تلعب الأحزاب السياسية
دورا هاما في الحياة السياسية ولاسيما فيما يتعلق بالعملية الانتخابية.
ان الحزب السياسي الدي
يتمتع بالأغلبية النيابية في مجلس العموم يتحكم بحرية تامة في رسم سياسة البلاد
وتحديد مواقفها في القضايا الدولية والداخلية
فالأحزاب البريطانية
تسيطر بشكل شبه مطلق على مختلف القضايا المتعلقة بالعملية الانتخابية.
ثالثا: المؤسسة الملكية:
كان الملك في الماضي يتولى
كافة مهام السلطتين التشريعية والتنفيذية فيصدر القوانين كيفما يشاء ويتولى
الاشراف على تنفيذها من خلال وزرائه، لكن سلطاته اخدت تنكمش شيئا فشيئا لتصبح مند
أوائل القرن الثامن عشر مجرد سلطات يلخصها القول المعروف ان "الملكية تولى
ولا تحكم"
تقوم المؤسسة الملكية
في بريطانيا على مبدا الوراثة وينتقل العرش فيها من الملك الى ولده الأكبر ولا يهم
ادا كان دكر او انثى
مرورا بالمؤسسة الملكية
لابد من دكر بعض الصلاحيات التقليدية التي لازال الملك يتمتع بها مند العصور
السابقة أهمها:
-
صلاحية التصديق على القوانين التي يقرها البرلمان
وتعتبر ضرورية من اجل نشر وإصدار القوانين ووضعها موضع التنفيذ.
-
صلاحية تعيين الوزير الأول من الحزب الدي حصل
الأغلبية في مجلس العموم.
-
صلاحية تعيين بعض أعضاء مجلس اللوردات وكبار الموظفين
في السلكين المدني والعسكري.
-
صلاحية تمديد مدة ولاية مجلس العموم وحل هدا الأخير
قبل انتهاء ولايته ودلك بناء على اقتراح من الحكومة.
-
صلاحية اعلان الحرب والسلم وابرام المعاهدات الدولية
والاعتراف بالدول والحكومات الأجنبية.
-
صلاحية اصدار العفو الخاص عن المحكومين.
-
صلاحية منح الألقاب.
-
صلاحية تولي القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية.
بالنسبة لجميع هده
الصلاحيات التقليدية فالملك لا يستطيع مباشرتها وممارستها الا بناء على اقتراح
الحكومة بالتوقيع على المراسيم الملكية المتعلقة بها وبهذا فسلطات الملك هي سلطات
رمزية فقط الا انه يتمتع بالحصانة المطلقة على الصعيد السياسي والجنائي فالملك شخص
مقدس لا يمكن انتهاك حرمته وهده الحصانة جاءت من قاعدة عرفية قديمة مضمونها ان
الملك لا يقوم باي عمل خاطئ
فعليا هده القاعدة
صحيحة لأنه تخلى عن كافة سلطاته لوزرائه مقابل تحملهم المسؤولية الكاملة.
رابعا: الحكومة:
تتولى الحكومة ممارسة
السلطة التنفيذية وفيما يلي سنتناول تنظيم الحكومة واختصاصاتها ودورها في الحياة
السياسية.
1)
تنظيم الحكومة:
تتألف الحكومة
البريطانية من:
·
الوزير الأول: يعينه الملك من الحزب السياسي الدي حصل
على الأغلبية في مجلس العموم ويتمتع الوزير الأول بمركز مهم وبصلاحيات واسعة بحيث
يعتبر الرئيس الفعلي للبلاد ويقوم باختيار باقي أعضاء الحكومة، ويحق له تعديلها
كما يحق له اقالة أحد الوزراء وكدلك يستطيع تقديم استقالته.
·
الوزراء وكتاب الدولة: ويتولى كل من هؤلاء وزارة
معينة والفرق هنا بين الوزير وكاتب الدولة فقطفي تاريخ انشاء الوزارة وليس في
الأهمية والدرجة.
·
الكتاب البرلمانيون: يقوم الى جانب وزير وكاتب دولة
برلماني، ويقوم هدا الأخير بتأمين الاتصال بين الوزير او كاتب الدولة والبرلمان.
·
الكابنت: هو تشكيل خاص يتميز به النظام البرلماني
البريطاني، تجتمع الكبنت برئاسة الوزير الأول وتعتبر الجهاز الأعلى المسؤول عن رسم
السياسة للبلاد وعن اتخاد القرارات الأكثر أهمية.
2)
صلاحيات الحكومة:
تتولى الحكومة البريطانية صلاحيات هامة وواسعة ومن
اهم هده الصلاحيات:
-
تحديد السياسية العامة للبلاد في مختلف المجلات.
-
مراقبة الإدارة والسهر على حسن تنفيذ القرارات التي
تتخذها الحكومة.
-
مشاركة البرلمان في حق المبادرة في التشريع
3)
دور الحكومة في الحياة السياسية:
تستمد الحكومة ثقتها من
الشعب مباشرة فمن الناحية النظرية يقوم الشعب البريطاني بانتخاب ممثلين له في مجلس
العموم ومن ثم يقوم هؤلاء باختيار الوزير الأول.
وبفضل الثنائية الحزبية
وتنظيم وانضباط الأحزاب والتزام الملك باحترام الإرادة الشعبية يعطي هدا الوضع
للحكومة البريطانية مكانة قوية في الحياة السياسية داخل البلاد.
خامسا: البرلمان:
يتألف البرلمان
البريطاني
من مجلس اللوردات: وهو مجلس يمثل
بقايا الطبقة الأرستوقراطية وتقاليدها التاريخية ويضم حوالي ألف 1000 لورد ويحتل
أعضاؤه مقاعدهم اما بالوراثة او بالتعيين لمدى الحياة من طرف الملك
ومن مجلس العموم: وهو
الهيأة الممثلة للشعب البريطاني لأنه ينتخب انتخابا مباشرا من طرفه ويضح حوالي 635
عضو ومدة ولايته خمس سنوات
·
صلاحيات البرلمان:
يتمتع البرلمان بثلاث
صلاحيات رئيسية وهي: الصلاحية المالية وصلاحية تشريع القوانين العادية وصلاحية
مراقبة اعمال الحكومة.
·
علاقة الحكومة بالبرلمان:
هده العلاقة بين
الحكومة والبرلمان تقوم على أساس مراقبة البرلمان لأعمال الحكومة من جهة وإمكانية
حل الحكومة للبرلمان من جهة أخرى.
جميل
ردحذف